الجيل السعودي القادم- طموحات رياضية تتحدى رمال دكار

المؤلف: وكالة الأنباء الفرنسية10.13.2025
الجيل السعودي القادم- طموحات رياضية تتحدى رمال دكار

في قلب معسكر رالي دكار 2025، تحت أشعة الشمس اللاهبة، تترجل الشابة السعودية مريهان الباز من مركبتها، رمال الصحراء تغطي بذلتها، وتنزع خوذتها الواقية، لتعلن عن جيل جديد من السائقين السعوديين الذين يسعون جاهدين لتنمية قدراتهم ومهاراتهم في عالم سباقات السيارات.

بالتزامن مع المنافسات الرسمية المثيرة التي تحتضنها صحراء المملكة العربية السعودية للعام السادس على التوالي، أطلق رالي دكار الشهير مبادرة فريدة من نوعها، وهي برنامج تدريبي خاص يستهدف 10 سائقين سعوديين يافعين، تحت عنوان "الجيل السعودي القادم"، يهدف إلى اكتشاف المواهب الصاعدة ورعايتها.

هذه المبادرة، التي تحمل في طياتها العديد من المعاني والدلالات، تعكس بجلاء حجم الاستثمار الهائل الذي توليه المملكة العربية السعودية للقطاع الرياضي في السنوات الأخيرة، تماشياً مع رؤية المملكة الطموحة وخطواتها الحثيثة نحو التطور والتقدم في مختلف المجالات المجتمعية تحت قيادة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد.

يشير البروفيسور الألماني دانيال رايشه، الخبير في الشؤون السعودية من جامعة جورج تاون في قطر، إلى أن الشباب يشكلون غالبية المجتمع السعودي، حيث أن "63% من السعوديين هم دون سن الثلاثين". ويضيف أن ولي العهد يسعى إلى كسب تأييد هذه الفئة الشابة، الأمر الذي يعتبر بالغ الأهمية لتعزيز شرعية نظامه، خاصة وأن الرياضة تحظى بشعبية جارفة بين الشباب السعودي.

يستفيد خمسة فرق، يتألف كل فريق من سائق ومساعده، من برنامج تدريبي مكثف يمتد لأسبوع كامل في قلب المعسكر، هؤلاء المتسابقون، الذين تم اختيارهم بعناية من قبل الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، يتوزعون بين ثمانية رجال وامرأتين، ويتنافسون بشراسة للفوز بفرصة المشاركة في رالي دكار 2026.

مريهان الباز، الشخصية المؤثرة البالغة من العمر 32 عاماً والمليئة بالشغف تجاه عالم المحركات، تعبر عن طموحها قائلة: "لطالما قيل لي أنني لن أتمكن من المشاركة في رالي دكار، وأنه أمر محفوف بالمخاطر ويصعب تحقيقه بالنسبة للنساء أمثالي".

في قلب الصحراء، بالقرب من بيشة في المنطقة الجنوبية الغربية من المملكة العربية السعودية، وسط الشجيرات الشائكة والحصى المتناثر، يبدأ المدرب والسائق السابق إيدو موسي يومه في تمام الساعة الثامنة صباحاً، حيث يقوم بتوجيه المتدربين ويشرف عليهم أثناء قيادتهم في حلقة دائرية يبلغ طولها 26 كيلومتراً، مستخدمين خمس مركبات من فئة "أس أس في"، وهي مركبة تجمع بين خصائص السيارة العادية والمركبة رباعية الدفع، تنطلق كل واحدة منها بفارق ثلاث دقائق عن الأخرى.

في ذلك اليوم، لا يعلم المتسابقون أن مدربهم لا يركز بشكل كبير على مهاراتهم في القيادة بالمعنى الحرفي، فالإيطالي البالغ من العمر 44 عاماً يراقب بعين فاحصة، من خلف نظاراته الشمسية الأنيقة، سلوكهم العام، طريقة إعدادهم للمركبة، قدرتهم على توقع المشكلات المحتملة، وتواصلهم مع الميكانيكي المختص.

فالسؤال الذي يشغل بال المدرب هو: من بين هؤلاء المتسابقين الشباب يمتلك القدرة على التحلي بالانضباط الذاتي والقوة اللازمة للانضمام إلى نخبة الراليات العالمية؟

يوضح موسي قائلاً: "إن عطلة نهاية الأسبوع المثالية هنا هي أن تأخذ مركبة رباعية الدفع وتنطلق بها في الصحراء، وتستمتع بنزهة ممتعة. هذه هي البيئة الطبيعية لهؤلاء المتسابقين. لذا، فإن رؤية أبناء هذه المنطقة يتنافسون على مستوى عالٍ هو أمر رائع ومثير للإعجاب".

في عام 2020، سارعت الشابة من مدينة جدة للمشاركة في أول سباق مخصص للنساء يُقام في المملكة العربية السعودية، ونظراً لأن عالم رياضة السيارات يغلب عليه الطابع الذكوري، فإن مشاركة امرأة في الرالي تلفت الأنظار إليها وتجعلها محط اهتمام.

تقول الباز بعد عودتها من التدريب: "يمكن للرجل أن يرتكب أي خطأ، ولن يوجه إليه أحد أي انتقاد. ولكن المرأة تُنتقد على أصغر الأخطاء. لذا، فإن المرأة بحاجة إلى قوة داخلية هائلة للمضي قدماً، قوة عاطفية وجسدية".

وإلى جانب السعي إلى الحصول على اعتراف دولي، يهدف انخراط المملكة العربية السعودية في عالم الرياضة إلى تنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على عائدات النفط، بالإضافة إلى تشجيع السكان على ممارسة الرياضة البدنية واتباع نمط حياة صحي.

وفقاً لأرقام صندوق الثروة السيادية السعودي، بلغت مساهمة القطاع الرياضي في الناتج المحلي الإجمالي الوطني 6.9 مليار دولار في عام 2024، مقارنة بـ 2.4 مليار دولار في عام 2016. ويتم استثمار مبلغ 2 مليار دولار سنوياً في هذا القطاع في المملكة العربية السعودية التي يبلغ عدد سكانها 35 مليون نسمة.

ويوضح رايشه، المتخصص في شؤون الرياضة في منطقة الشرق الأوسط، أن دولاً مثل "قطر أو الإمارات منحت الجنسية لرياضيين" من أجل تمثيلها في المسابقات الدولية، مضيفاً: "يبدو أن المملكة العربية السعودية تسعى إلى صناعة رياضييها بنفسها. قد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً، ربما عقد من الزمان على الأقل، قبل أن يتمكنوا من المنافسة على المستوى الدولي".

في معسكر "الجيل السعودي القادم"، يمتلك حمزة باخشب، البالغ من العمر 21 عاماً، طموحاً مضاعفاً: أن يصبح بطلاً للعالم في الراليات وأن يحقق الفوز بلقب رالي دكار المرموق.

يؤكد باخشب، وهو نجل سائق السباقات السابق عبد الله باخشب، بثقة عالية: "في العام المقبل، سأكون جاهزاً تماماً. يجب أن أعمل على تحسين مستوى لياقتي البدنية وقدرتي على التحمل، ولكن مهارة القيادة متوفرة لدي بالفعل".. فهل هذه هي ثقة الأبطال؟

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة